| قد خلق الله سبحانه وتعالى الخلق وميز بينهم في أجسادهم وألوانهم وقدراتهم المختلفة كما ميّز بينهم في صورهم وأشكالهم، ومن الناس من ابتلي بالحرمان من بعض النعم الجسمانية التي أنعم الله سبحانه وتعالى بها على الآخرين فأصبحوا معوقين، لقد كانوا وحتى حوالي منتصف القرن الماضى، يسمونهم (المقعدون)، ثم أطلقوا عليهم كلمة (ذوي العاهات)، على اعتبار أن كلمة الإقعاد توحي باقتصار تلك الطائفة على مبتوري الأطراف أو المصابين بالشلل وأما العاهة فهي أكثر شمولاً بمدلول الإصابات المستديمة.. ثم تطور هذا التعبير عنهم إلى اصطلاح (العاجزون)، أي كل من به صفة تجعله عاجزاً في أي جانب من جوانب الحياة، سواء من حيث العجز عن العمل أو الكسب، أو العجز عن ممارسة شؤون حياته الشخصية مثل المشي وتناول الطعام وارتداء الملابس والاستحمام والنوم، أو العجز عن التعامل مع الغير، العجز عن التعلم..الخ. ولما تطورت النظرة إليهم على أنهم ليسوا عاجزين، وأن المجتمع هو الذي عجز عن استيعابهم أو عن تقبلهم أو عن الاستفادة مما قد يكون لديهم من مميزات أو مواهب أو صفات أو قدرات يمكن تنميتها وتدريبها بحيث يتكيفون مع المجتمع رغم عاهاتهم بل وربما يفوقون غيرهم ممن نطلق عليهم تجاوزاً كلمة (الأسوياء) أي عندما أدرك المجتمع أنه هو الذي يحوي تلك العوائق التي تمنعهم من التكيف معه عندئذ أصبحت المراجع العلمية والهيئات المتخصصة تسميهم (المعاقون أو المعوقون) بمعنى وجود عائق يعوقهم عن التكيف، كما لو كانت سيارة تسير في طريق ممهدة ثم اعترضها صخرة أو حاجز أو حفرة أعاقت مواصلة سيرها، فأصبحت بسبب هذا العائق معاقة عن الوصول إلى ما كانت تستهدفها وأصبحت فى حاجة إلى معاونة من الآخرين قادرين على إزالة هذا العائق، وإصلاحها إذا كانت تحتاج إلى إصلاح (أي تأهيلها لمواصلة المشوار)، وبهذا المفهوم أصبحت كلمة (معوق) لا تقتصر على المعوقين عن العمل والكسب وإنما أيضاً تشمل المعوقين عن التكيف نفسياً واجتماعياً مع البيئة، إما بسبب إصابتهم بعاهات أو انحرافات سلوكية، وإما بسبب ما تفرضه عليهم البيئة من تطورات أو مفاجآت لم تكن في حسابهم وسنعرض فيما بعد أمثلة تجعل هذا المفهوم أكثر وضوحاً. | |
| وهؤلاء أعدادهم ليست قليلة في مجتمعاتنا، وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد نشرت منظمة الصحة العالمية تقريراً فى يناير الماضى ( 2006)، ذكرت فيه أن عدد المعوقين في مصر يقرب 5.6 ملايين مواطن أي تقريباً 8% من عدد السكان، وهذه النسبة تزيد أو تنقص في الدول العربية الأخرى، كما أشارت في تقرير آخر إلى أن عدد العميان في العالم يزيد عن 52 مليون أعمى، بينهم 45 مليوناً يعيشون في الدول النامية وحدها، وهذه الأرقام تعكس حقائق هامة حول هذه الشريحة الأساسية في مجتمعاتنا، تلك الشريحة التي ظهر منها مبدعون وأفذاذاً على مدار التاريخ وفي كل المجالات. و وفقا لأحدث الإحصائيات التى أصدرها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فإن لدى مصر أربعة ملايين معاق مسجلين رسميا. وهؤلاء جميعا مصابون بدرجة أو بأخرى بقصور بدنى أو عقلى يهدد بمنعهم من ان يعيشوا حياة كاملة غير معتمدين على أحد أو أن يكونوا مواطنين منتجين. تعرف منظمة الصحة العالمية The World Health Organization (WHO) الإعاقة بأنها تقييد أو نقص القدرات الذى ينتج عن تلف أو ضعف يمنع أداء الأنشطة بالطريقة أو من خلال المدى الذى يمكن اعتباره أداء إنسانى طبيعى. | |
| وسواء كانت الاعاقة مكتسبة أو كانت موجودة منذ الميلاد فإنها تدفعهم للتأقلم مع ظروفهم. إن نجاح هذا التأقلم يعتمد إلى حد كبير على قدرتهم على تعويض الفقد البدنى أو القصور باستخدام ما لديهم من قدرات باقية. إن أهم شيء هو ان يتمكنوا من إنجاز اكبر قدر من الجهد فى معيشة أكثر ما تكون حيوية وفاعلية ممكنة. | |
| الاعتبارات الاجتماعية والمعاقين
| |
| يشكل التغلب على القصور البدنى لدى المعاقين من خلال تطبيق التقنيات الارجونوميكية تحديا للعلم يمكن أن يكون مفيدا لنا جميعا الأسوياء قبل المعاقين. هذه التقنيات سيكون لها تطبيقات متنوعة إلى الحد الذى يمكننا من التحكم فى تسخير القوى العقلية للمعاقين مما يفيد سائر أفراد المجتمع. وينبغى أيضا لنا أن نذكر أنفسنا بأننا جميعا سوف نواجه تقلصا فى قدراتنا وأدائنا بسبب حادث ما أو مرض ما يصيبنا أو بسبب التقدم فى السن وبشكل ما فإننا سيكون علينا عندئذ محاولة التأقلم والتكيف مع حالتنا الطارئة أو المستمرة لنظل منتجين ومؤثرين فى المجتمع. | |
| | | | البعض بحاجة لعون مستمر | الاعاقة لاتمنع ممارسة الأنشطة | فينوس رمز للإعاقة |
| |
| تقريبا فإن 25% إلى 50% من مجموع المعاقين يحتاج إلى نوع من المساعدة فى المنزل أو العمل، لكن عددا كبيرا قد يحتاج إلى رعاية صحية تستلزم وجودهم فى دور خاصة للرعاية. أو أن يكونوا تحت عناية آخرين متخصصين. إن الاعتبارات الاقتصادية تكون عاملا واضحا فى تحديد إمكانية الحصول على مثل هذا النوع من الرعاية بل وفى ما يترتب عليها من تكلفة إضافية تنشأ عن نقص القدرة الإنتاجية للمعاق. | |
| تحدد منظمة الصحة العالمية أن عملية دمج المعاق فى السياق الاجتماعى التقليدي تتضمن أسلوبين هما إعادة التأهيل Rehabilitation وإتاحة الفرص المتساوية equal opportunity . يسعى إعادة التأهيل إلى الاسترداد الأقصى للكفاءة البدنية. أما إتاحة الفرص فهى عملية اجتماعية تتيح للمعاق التعامل مع كل اعتبارات الحياة الاجتماعية بما فيها فرص العمل. وعلى الرغم من العلاقة المتبادلة بين الأسلوبين فإن الارجونوميكس يلعب دورا أكثر أهمية فى توفير الفرص المتكافئة بالسعى لتكييف البيئة للتعويض عن نقص القدرات فى الأداء البدنى. | |
| | | | بالتصميم المناسب يمكن لعدد كبير منهم العمل بدون مساعدة | اضافات بسيطة للتصميم قد تعفى من الحرج | تكيف التصميم لموائمة الحالة الفردية |
| |
| التصنيفات العامة للاعاقة:
| |
| يمكن أن تتضمن الإعاقات الحسية sensory limitations إعاقات البصر، والسمع واللمس. هذه المجموعة تؤثر مجتمعة فى نحو ثلاثة ملايين عامل مصرى فى سن ما بين 18 إلى 69. كما أن هناك أقل قليل من نصف مليون عامل مصرى يعانون من بعض التلف فى قدرتهم على معالجة المعلومات بما يتضمن القدرة على التعرف على المعانى والتفسير والقدرة على استرجاع المعلومات أو الاستجابة للمعلومات من خلال وظائف المخ. إن أهم الفروق والتباينات بين المعاقين والأسوياء هى تقع فى المجموعة الذى يتضمن الاختلال الوظيفى الحركى، وفقا لآخر بيانات وزارة القوى العاملة. | |
| إن الإصابة بأعراض عصب عضلية neuromuscular أو حالات عضل هيكلية musculoskeletal يؤدى إلى إعاقة للنشاط الحركى ومشاكل فى التعامل باليدين والأصابع. هناك تقريبا نحو مليون مصرى فى سن العمل 18-69 مصابون بهذه الحالة. وهناك عدد كبير من أفراد هذه المجموعة قد ابتلاهم الله بخلل وظيفى فى الأطراف السفلى مما يضطرهم لاستخدام الكراسى المتحركة wheelchair . ونظرا لعدم وجود إحصائيات رسمية فى هذا الصدد فإنه يمكن تقدير هذا العدد بعدة آلاف. | |
| الارجونوميكس و التصميم للمعاقين حركيا:
| |
| يمكن ربط القصور الحركى بالتشوه والألم والأنسجة الرابطة أو للمفاصل أو الضعف العضلى و أمراض الجهاز العصبية أو الجروح والإصابات. وعند تصميم مكان العمل هؤلاء الناس ينبغى على المصمم لمواجهة الإعاقة الأخذ فى الاعتبار القوة أو مدى الوصول أو الحركة لأطرف الجسم . إن المناطق أو التنظيم الفراغى لمكان العمل أو بيئة المنزل ينبغى أن تشكل انعكاسا منطقيا للقصور فى مثل هذه القدرات.إن الأشياء والأدوات التى تتطلب الإمساك أو القبض باليد ينبغى أن تستفيد من التصميم الذى يعكس قدرات المستخدم. إن الظروف التى تسبب تلفا فى أجزاء اليد تعوق قدرتها على التناول والقبض والإمساك وسائر أنشطة التحكم اليدوى تؤثر فى نحو 3 ملايين فرد فى الولايات المتحدة وحدها. ولها تأثير واضح الخطورة على القدرة على أداء الأنشطة اليومية المعتادة. ونظرا لظروف مصر ولعدم القدرة على تحديد عدد معين لهم وذلك لأن عددا كبيرا منهم موجود فى الريف وفقا لتقرير منظمة الصحة العالمية، فإنه من الصعب التكهن بالارقام الحقيقية لهم هنا. إن تعديلات معينة تكزن مفيدة لهؤلاء الأشخاص. وتتضمن الأمثلة إضافة آليات مغناطيسية تسهل التحكم والوصول والتناول. إضافة وسائل لتحريك أو حمل الأشياء التى يمكن أن تسقط نتيجة ضعف قوة القبض. إن العربات وأحزمة الكتف والوسائل التى تعمل على زلق الأشياء يمكن أن تكون مفيدة فى هذا المجالوتشكل الأدوات المصممة ارجونوميكيا وأشرطة وأدوات التناول المساعدة والماسك والأربطة يمكن أن تساعد وغيرها فى منع الأشياء من السقوط.ينبغى أن يكون لمناضد العمل أو حتى تلك المستخدمة فى غرف الطعام حواف عالية تمنع الأشياء من السقوط . وتشمل التعديلات التى تقلل من استخدام الأيدى، سماعات الرأس وأجهزة التعرف على الصوت والإدخال الصوتى للبيانات وطلب الأرقام التليفونية أوتوماتيكيا. وتعوض أجهزة التحكم والتشغيل عن بعد remote control activation والمعدات الالكترونية التى تعمل آليا ونصف آليا تعوض كثيرا من عواقب القصور فى قوى ومهارات اليد. كما أن تصميم وسائل التحكم اليدوى لا ينبغى ان تقتضى الحركة الدقيقة للتحكم فيها. |